ماتت نـورة
ماتت نـورة ..
أفتتـــح رسالتي بهذه القصة ..
التي قرأتها في ظلمات الليـل .. بعد الفراغ من قرائتها حزنت جدا .. وسألت الله الرحمة وحسن الخاتمة ..
وقلت في نفسي :
√ متى نستعد للقــائه .. ؟
√ متى نفيق من غفلتنــا .. ؟
√ إلى متى ونحن نسـوف في أعمالنــا ..؟
أسأل الله أن يرحمنــا برحمته ..
أطرح بين أيديكم هذه القصة التي قرأتها وأحببت أن أنقلها لكم ..
أترككـمـ :
بدت أختي شاحبة الوجه نحيلة الجسم .. ولكنها كعادتهــا تقـرأ القرآن الكريم .. تبحث عنها تجدها في مصلاها .. راكعة ساجدة رافعة يديها إلى السماء .. هكذا في الصباح وفي المساء وفي جوف الليـل
لا تفتر ولا تمل ..
كنتُ أحـرص على قراءة المجلات الفنية والكتب ذات الطابع القصصي أشاهد الـدش بكثرة لدرجة أنني عرفت به .. ومن أكثر من شيء عُرف به .. لا أؤدي واجبـاتي كاملة ولست منضبطة في صلواتي ..
بعد أن أغلقت الدش وقد شــاهدت أفلاما متنوعة لمدة ثلاث ســــاعات متواصلـــــة ..
هاهو الأذان يرتفع من المسجــد المجاور .. عدت إلى فراشــي .. تناديني من مصلاهــا ..
نعم ماذا تريدين يا نـورة؟
قالت لي بنبرة حــادة :
لا تنامي قبل أن تصلي الفجر ..
أوه.. بقى ساعة على صلاة الفجر وما سمعتيه كان الأذان الأول .. بنبرتهــا الحنونة – هكذا هي حتى قبل أن يصيبها مرض السرطــــان – وتسقط طريحة الفراش .. نادتني .. تعالى يا هناء بجانبي ..
لا أستطيع إطلاقا رد طلبها.. تشعر بصفائها وصدقها .. لا شك طائعاً ستلبي .. ماذا تريدين.. اجلسي ..
ها قد جلست ماذا لديـكـ ..
بصوت عذب رخيم :
( كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامــة )..
{كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ }
سكتتْ قليلا .. ثم سألتني ..
◄ ألم تؤمنـي بالموت؟
بلى مؤمنة ..
◄ ألم تؤمني بأنك ستحاسبين على كل صغيرة وكبيرة..؟
بلى .. ولكن الله غفور رحيـم .. والعمر طويل ..يا أختي ..
◄ ألا تخافين من الموت وبغتته ..؟
انظــري هند أصغر منك وتوفيت
في حادث سيارة.. وفلانة.. وفلانة..الموت لا يعرف العمر ..
وليس مقياسا له ..
أجبتها بصوت الخائف حيث مصلاها المظلم ..إنني أخاف من الظـلام وأخفتيني من الموت.. كيف أنــام الآن.. كنت أظن أنك وافقتِ للسفر معنا هذه الإجازة..
فجــــأة
تحشرج صوتها واهتز قلبـي ..لعلي هذه السنة أسافر سفرا بعيداً .. إلى مكــان آخر .. ربما يا هناء .. الأعمار بيد الله..
وانفجرتُ بالبكاء..تفكرتُ في مرضها الخبيث وأن الأطباء أخبروا أبي سراً أن المرض ربما لن يمهلها طويلاً .. ولكن من أخبرها بذلك ..
أم أنها تتوقع هذا الشــيء ..
ما لكِ تفكرين؟
جاءني صوتها القوي هذه المرة ..
◄ هل تعتقدين أني أقول هذا لأنني مريضـة ؟ كلا.. ربما أكون أطول عمرا من الأصحـاء …!!!
وأنت إلى متى ستعيشين .. ربما عشرون سنة.. ربما أربعون ..
ثم مـــــاذا .. !!
لمعت يدها في الظلام وهزتها بقوة
لا فرق بيننا كلنا سنرحل وسنغــادر هذه الدنيا أما إلى جنة أو إلى نار .. ألم تسمعي قول الله :
(فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فــاز)
تصبحين على خير ..هرولتْ مسرعة وصوتها يطرق أذني .. هداك الله ..
لا تنسي الصلاة ..
الثامنة صباحاً ..أسمع طرقـا على الباب .. هذا ليس موعد استيقاظي.. بكاء .. وأصوات ..
يا إلهـي ماذا جرى ..
لقد تردّتْ حـالة نورة ..
وذهب بها أبي إلى المستشفى ..
*.. إنّـا لله وإنّــا إليه راجعــون ..*
لا سفر هذه السنة .. مكتوب عليّ البقاء هذه السنة في بيتنا ..
بعد انتظار طويل ..
عند الساعة الواحدة ظهرا .. هاتفنا أبي من المستشفى.. تستطيعــون زيارتها الآن هيا بسرعة ..
أخبرتنـي أمي أن حديث أبي غير مطمئن وأن صوته متغيـر .. عباءتي في يدي ..أين السائـق .. ركبنا على عجل .. أين الطريق الذي كنت أذهب لأتمشى مع السائق فيه يبدو قصيراً .. ماله اليوم طويـل .. وطويل جداً .. أين ذلك الزحام المحبب إلى نفسي كي التفتُ يمنة ويسرة .. زحام أصبح قاتلا ومملا ..أمي بجواري تدعـو لها ..
( إنها بنت صالحة ومطيعة .. لم أرها تضيع وقتها أبدا .. )
دلفنا من الباب الخارجي للمستشفى..هذا مريض يتـأوه .. وهذا مصاب بحادث سيارة .. وثالث عيناه غائرتان.. لا تدري هل هو من أهل الدنيا أم من أهل الآخرة ..
منظــر عجيب لم أره من قبل ..
صعـدنا درجات السلم بسرعة ..
إنها في غرفة العناية المركـزة .. وسآخذكم إليها ..
ثم واصلتْ الممرضة أنها بخيـر وطمأنت أمي أنها في تحسن بعد الغيبوبة التي حصلت لها ..
ممنـوع الدخول لأكثر من شخص واحد ..هذه هي غرفة العنايــة المركزة ..
وسط زحام الأطبـاء وعبر النافذة الصغيرة التي في باب الغرفة أرى عيني أختي نورة تنظر إلي وأمي واقفة بجوارهـــا ..
بعد دقيقتين خرجتْ أمي التي لم تستطع إخفاء دموعها..سمحوا لي بالدخول والسلام عليها بشرط أن
لا أتحدث معها كثيرا دقيقتين كافية لك ..
كيف حالك يا نورة..؟
لقد كنتِ بخير مساء البارحة ..
ماذا جرى لك..؟
أجابتني بعد أن ضغطت على يدي : وأنا الآن ولله الحمد بخير.. الحمد لله ولكن يدك بـاردة ..
كنتُ جالسة على حـافة السرير ولامستُ ساقهـا .. أبعدتها عني .. آسفة إذا ضايقتك ..
كلا ولكني تفكرت في قـول الله تعالــى : {وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ * إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ}
عليك يا هناء بالدعـاء لي فربما استقبل عن قريب أول أيام الآخرة .. ← سفـري بعيـد وزادي قليل →
سقطت دمعة من عيني بعد أن سمعت ما قالت وبكيت ..
لم أعن أين أنا ..؟
استمرت عينـاي في البكاء .. أصبح أبي خائفا عليّ أكثر من نورة .. لم يتعودوا هذا البكاء والانطواء في غرفتي ….
مع غروب شمس ذلك اليوم الحزين..
ساد صمت طويل في بيتنــا ..دخلت عليّ ابنة خالتي .. ابنة عمتي ..أحداث سريعة ..كثر القادمــون .. اختلطت الأصوات .. شيء واحد عرفته..
نــورة مـــاتت
لم أعد أميّز من جاء .. ولا أعـرف ماذا قالوا ..يا الله .. أين أنا وماذا يجري .. عجزتُ حتى عن البكاء .. فيما بعد أخبروني أن أبي أخذ بيدي لوداع أختي الوداع الأخير.. وأني قبلتها .. لم أعد أتذكر إلا شيئا واحدا.. حين نظرت إليها مسجاة .. على فراش الموت.. تذكرت قولها :
(وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ)
عرفت حقيقة أن :
(إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ)
لم أعرف أنني عدتُ إلى مصلاهـا
إلا تلك الليلة .. وحينها تذكـرت من قاسمتني رحم أمي فنحن توأمين .. تذكرت من شاركتني همومي .. تذكرت من نفست عني كربتي ..
من دعت لي بالهدايـة..
من ذرفت دموعها ليالي طويلة وهي تحدثني عن الموت والحساب ..
الله المستعــان ..
هذه أول ليلة لها في قبرهـا .. اللهم ارحمها ونور لها قبرها..
هذا هو مصحفها.. وهذه سجادتها .. وهذا .. وهذا .. بل هذا هو الفستان الوردي الذي قالت لي سأخبئـه لزواجي ..تذكرتها وبكيت على أيامي الضائعة .. بكيتُ بكـاء متواصلا .. ودعوت الله أن يرحمني ويتوب علي ويعفو عني ..
دعوت الله أن يثبتها في قبرها كما كانت تحب أن تدعو .. فجــأة سألتُ نفسي ماذا لو كانت الميتة أنا؟
ما مصيري..؟
لم أبحث عن الإجابة من الخوف الذي أصابني .. بكيتُ بحرقة ..
▪▫ الله أكبــر .. الله أكبـــر ▪▫
ها هو أذان الفجـر قد ارتفـع .. ولكن ما أعذبه هذه المرة..أحسست بطمأنينة وراحة وأنا أردد ما يقوله المؤذن.. لفلفت ردائي وقمت واقفة أصلي صلاة الفجر. صليت صلاة مودع .. كما صلتهـــا أختي من قبل وكانت آخر صلاة لها ..
إذا أصبحتُ لا أنتظر المسـاء ..
وإذا أمسيتُ لا أنتظر الصبـاح ..
كتاب ..
( الزمن القادم )
للكاتب : عبدالملك القـاسم
انتقاء أختكم :
سمـوت بالـدين ..
عضوة قسم الإنتاج
فريق جوال الخير
معاً على طريق الخير
تواصل – استفسار – اقتراح
www.jawalk.ws
الإصدار النسائي الرابع
للاشتراك في خدمة رسائل فريق جوال الخير
أرسل حرف م إلى 802226 stc.
يقع مقر فريق جوال الخير في مكتب الدعوة بحي الروضة في الرياض.
هاتف:
012492727
فاكس:
012401175
لا تنسونا من صالح الدعاء
ماتت نـورة ..
أفتتـــح رسالتي بهذه القصة ..
التي قرأتها في ظلمات الليـل .. بعد الفراغ من قرائتها حزنت جدا .. وسألت الله الرحمة وحسن الخاتمة ..
وقلت في نفسي :
√ متى نستعد للقــائه .. ؟
√ متى نفيق من غفلتنــا .. ؟
√ إلى متى ونحن نسـوف في أعمالنــا ..؟
أسأل الله أن يرحمنــا برحمته ..
أطرح بين أيديكم هذه القصة التي قرأتها وأحببت أن أنقلها لكم ..
أترككـمـ :
بدت أختي شاحبة الوجه نحيلة الجسم .. ولكنها كعادتهــا تقـرأ القرآن الكريم .. تبحث عنها تجدها في مصلاها .. راكعة ساجدة رافعة يديها إلى السماء .. هكذا في الصباح وفي المساء وفي جوف الليـل
لا تفتر ولا تمل ..
كنتُ أحـرص على قراءة المجلات الفنية والكتب ذات الطابع القصصي أشاهد الـدش بكثرة لدرجة أنني عرفت به .. ومن أكثر من شيء عُرف به .. لا أؤدي واجبـاتي كاملة ولست منضبطة في صلواتي ..
بعد أن أغلقت الدش وقد شــاهدت أفلاما متنوعة لمدة ثلاث ســــاعات متواصلـــــة ..
هاهو الأذان يرتفع من المسجــد المجاور .. عدت إلى فراشــي .. تناديني من مصلاهــا ..
نعم ماذا تريدين يا نـورة؟
قالت لي بنبرة حــادة :
لا تنامي قبل أن تصلي الفجر ..
أوه.. بقى ساعة على صلاة الفجر وما سمعتيه كان الأذان الأول .. بنبرتهــا الحنونة – هكذا هي حتى قبل أن يصيبها مرض السرطــــان – وتسقط طريحة الفراش .. نادتني .. تعالى يا هناء بجانبي ..
لا أستطيع إطلاقا رد طلبها.. تشعر بصفائها وصدقها .. لا شك طائعاً ستلبي .. ماذا تريدين.. اجلسي ..
ها قد جلست ماذا لديـكـ ..
بصوت عذب رخيم :
( كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامــة )..
{كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ }
سكتتْ قليلا .. ثم سألتني ..
◄ ألم تؤمنـي بالموت؟
بلى مؤمنة ..
◄ ألم تؤمني بأنك ستحاسبين على كل صغيرة وكبيرة..؟
بلى .. ولكن الله غفور رحيـم .. والعمر طويل ..يا أختي ..
◄ ألا تخافين من الموت وبغتته ..؟
انظــري هند أصغر منك وتوفيت
في حادث سيارة.. وفلانة.. وفلانة..الموت لا يعرف العمر ..
وليس مقياسا له ..
أجبتها بصوت الخائف حيث مصلاها المظلم ..إنني أخاف من الظـلام وأخفتيني من الموت.. كيف أنــام الآن.. كنت أظن أنك وافقتِ للسفر معنا هذه الإجازة..
فجــــأة
تحشرج صوتها واهتز قلبـي ..لعلي هذه السنة أسافر سفرا بعيداً .. إلى مكــان آخر .. ربما يا هناء .. الأعمار بيد الله..
وانفجرتُ بالبكاء..تفكرتُ في مرضها الخبيث وأن الأطباء أخبروا أبي سراً أن المرض ربما لن يمهلها طويلاً .. ولكن من أخبرها بذلك ..
أم أنها تتوقع هذا الشــيء ..
ما لكِ تفكرين؟
جاءني صوتها القوي هذه المرة ..
◄ هل تعتقدين أني أقول هذا لأنني مريضـة ؟ كلا.. ربما أكون أطول عمرا من الأصحـاء …!!!
وأنت إلى متى ستعيشين .. ربما عشرون سنة.. ربما أربعون ..
ثم مـــــاذا .. !!
لمعت يدها في الظلام وهزتها بقوة
لا فرق بيننا كلنا سنرحل وسنغــادر هذه الدنيا أما إلى جنة أو إلى نار .. ألم تسمعي قول الله :
(فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فــاز)
تصبحين على خير ..هرولتْ مسرعة وصوتها يطرق أذني .. هداك الله ..
لا تنسي الصلاة ..
الثامنة صباحاً ..أسمع طرقـا على الباب .. هذا ليس موعد استيقاظي.. بكاء .. وأصوات ..
يا إلهـي ماذا جرى ..
لقد تردّتْ حـالة نورة ..
وذهب بها أبي إلى المستشفى ..
*.. إنّـا لله وإنّــا إليه راجعــون ..*
لا سفر هذه السنة .. مكتوب عليّ البقاء هذه السنة في بيتنا ..
بعد انتظار طويل ..
عند الساعة الواحدة ظهرا .. هاتفنا أبي من المستشفى.. تستطيعــون زيارتها الآن هيا بسرعة ..
أخبرتنـي أمي أن حديث أبي غير مطمئن وأن صوته متغيـر .. عباءتي في يدي ..أين السائـق .. ركبنا على عجل .. أين الطريق الذي كنت أذهب لأتمشى مع السائق فيه يبدو قصيراً .. ماله اليوم طويـل .. وطويل جداً .. أين ذلك الزحام المحبب إلى نفسي كي التفتُ يمنة ويسرة .. زحام أصبح قاتلا ومملا ..أمي بجواري تدعـو لها ..
( إنها بنت صالحة ومطيعة .. لم أرها تضيع وقتها أبدا .. )
دلفنا من الباب الخارجي للمستشفى..هذا مريض يتـأوه .. وهذا مصاب بحادث سيارة .. وثالث عيناه غائرتان.. لا تدري هل هو من أهل الدنيا أم من أهل الآخرة ..
منظــر عجيب لم أره من قبل ..
صعـدنا درجات السلم بسرعة ..
إنها في غرفة العناية المركـزة .. وسآخذكم إليها ..
ثم واصلتْ الممرضة أنها بخيـر وطمأنت أمي أنها في تحسن بعد الغيبوبة التي حصلت لها ..
ممنـوع الدخول لأكثر من شخص واحد ..هذه هي غرفة العنايــة المركزة ..
وسط زحام الأطبـاء وعبر النافذة الصغيرة التي في باب الغرفة أرى عيني أختي نورة تنظر إلي وأمي واقفة بجوارهـــا ..
بعد دقيقتين خرجتْ أمي التي لم تستطع إخفاء دموعها..سمحوا لي بالدخول والسلام عليها بشرط أن
لا أتحدث معها كثيرا دقيقتين كافية لك ..
كيف حالك يا نورة..؟
لقد كنتِ بخير مساء البارحة ..
ماذا جرى لك..؟
أجابتني بعد أن ضغطت على يدي : وأنا الآن ولله الحمد بخير.. الحمد لله ولكن يدك بـاردة ..
كنتُ جالسة على حـافة السرير ولامستُ ساقهـا .. أبعدتها عني .. آسفة إذا ضايقتك ..
كلا ولكني تفكرت في قـول الله تعالــى : {وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ * إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ}
عليك يا هناء بالدعـاء لي فربما استقبل عن قريب أول أيام الآخرة .. ← سفـري بعيـد وزادي قليل →
سقطت دمعة من عيني بعد أن سمعت ما قالت وبكيت ..
لم أعن أين أنا ..؟
استمرت عينـاي في البكاء .. أصبح أبي خائفا عليّ أكثر من نورة .. لم يتعودوا هذا البكاء والانطواء في غرفتي ….
مع غروب شمس ذلك اليوم الحزين..
ساد صمت طويل في بيتنــا ..دخلت عليّ ابنة خالتي .. ابنة عمتي ..أحداث سريعة ..كثر القادمــون .. اختلطت الأصوات .. شيء واحد عرفته..
نــورة مـــاتت
لم أعد أميّز من جاء .. ولا أعـرف ماذا قالوا ..يا الله .. أين أنا وماذا يجري .. عجزتُ حتى عن البكاء .. فيما بعد أخبروني أن أبي أخذ بيدي لوداع أختي الوداع الأخير.. وأني قبلتها .. لم أعد أتذكر إلا شيئا واحدا.. حين نظرت إليها مسجاة .. على فراش الموت.. تذكرت قولها :
(وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ)
عرفت حقيقة أن :
(إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ)
لم أعرف أنني عدتُ إلى مصلاهـا
إلا تلك الليلة .. وحينها تذكـرت من قاسمتني رحم أمي فنحن توأمين .. تذكرت من شاركتني همومي .. تذكرت من نفست عني كربتي ..
من دعت لي بالهدايـة..
من ذرفت دموعها ليالي طويلة وهي تحدثني عن الموت والحساب ..
الله المستعــان ..
هذه أول ليلة لها في قبرهـا .. اللهم ارحمها ونور لها قبرها..
هذا هو مصحفها.. وهذه سجادتها .. وهذا .. وهذا .. بل هذا هو الفستان الوردي الذي قالت لي سأخبئـه لزواجي ..تذكرتها وبكيت على أيامي الضائعة .. بكيتُ بكـاء متواصلا .. ودعوت الله أن يرحمني ويتوب علي ويعفو عني ..
دعوت الله أن يثبتها في قبرها كما كانت تحب أن تدعو .. فجــأة سألتُ نفسي ماذا لو كانت الميتة أنا؟
ما مصيري..؟
لم أبحث عن الإجابة من الخوف الذي أصابني .. بكيتُ بحرقة ..
▪▫ الله أكبــر .. الله أكبـــر ▪▫
ها هو أذان الفجـر قد ارتفـع .. ولكن ما أعذبه هذه المرة..أحسست بطمأنينة وراحة وأنا أردد ما يقوله المؤذن.. لفلفت ردائي وقمت واقفة أصلي صلاة الفجر. صليت صلاة مودع .. كما صلتهـــا أختي من قبل وكانت آخر صلاة لها ..
إذا أصبحتُ لا أنتظر المسـاء ..
وإذا أمسيتُ لا أنتظر الصبـاح ..
كتاب ..
( الزمن القادم )
للكاتب : عبدالملك القـاسم
انتقاء أختكم :
سمـوت بالـدين ..
عضوة قسم الإنتاج
فريق جوال الخير
معاً على طريق الخير
تواصل – استفسار – اقتراح
www.jawalk.ws
الإصدار النسائي الرابع
للاشتراك في خدمة رسائل فريق جوال الخير
أرسل حرف م إلى 802226 stc.
يقع مقر فريق جوال الخير في مكتب الدعوة بحي الروضة في الرياض.
هاتف:
012492727
فاكس:
012401175
لا تنسونا من صالح الدعاء
التعليقات 0